بضعُ دقائق سارية، لا آمرةٌ ولا ناهية، كهدوء ما قبلَ العاصفة، تسبقُ نقض أُولى العهود، وبمحاولةٍ منّي كمندوبٍ خائر القوى بمحاولةِ اتّباع سياساتٍ منهجيّة للحفاظ على على عملية السلام في المنطقة.... مزيدٌ من تفكيرٍ مضنٍ حولَ كيفية الحفاظ على سلامٍ داخلي، استدعتني لأُشعلَ آخر سجائري من عبوتي الورقيّة، وطالما ظننتُ أنَّ آخر سجائري تكمنُ في النهايات، على عكسِ تلك الليلة، فقد كانت بداية النهاية لبدءِ عقودٍ لا متناهية من "الربيع الروحي"، فما إن اشعلتها حتى ادركتُ بدء نقض الهدنة، ثُمَّ توالت الخيانات، وازدادت الخسائر من سجائرٍ ونزيفُ قهوةٍ حادّ ومستمرّ.... نعم إنها الحربُ العالمية الثالثة التي اخوضها وحيدََا كلَّ ليلةِِ في زنزانتي المتجمِّدة، وبمخزونٍ خاوٍ من أدنى متطلّبات الدفاع عن النفس وبضعُ أوراقٍ مشتعلة، اغزوها كُلَّها بسيفٍ من الحبر، محاولََا الحدّ من الخسائر، حتى بزوغ الفجر والتفكير بعهدٍ جديدٍ تملأُه العهود المنقوضة.