أعود منهكة الروح و الجسد ، أنظر الى زوايا غرفتي بخمول ، ثم أهم بفتح الستائر علّني أستشعر بالنسيم العليل الذي يغطي سحاب الكون ... ها انا وحيدة من جديد ، تمنيت أن أجد من أبادله همومي ، تمنيت لو انني حظيت بكتف أتكأ عليه عند تعبي و ارهاقي .. وددت كثيرا لو انني لست لوحدي الان .

بكيت بغصة ، و كأنني لم أبكي لدهر طويل ، كان البدر يراقبني فيبعث النسيم ليطبطب على جفوني الثقيلة ، كانت ليلة قمراء داكنة السواد تذكرني بكل شيئ ..

كان هنالك ما يوجعني .. لست ادري اين هو الألم الا انني كنت أتلوى وجعاً .. هل كان ذاك فؤادي الذي ينزف ؟ آم انها الروح تحتضر ؟ لست ادري و لكنني كنت أعتصر وجعاً ، و قهراً ، .. شيئ ما ينهش روحي و يوخز في القلب ثغرةً دائمة ..

مان صوت الليل أخرس ، لم أكن أسمع للسحاب صوتاً ولا سكون الكون يطفئ من نيران روحي المحترقة حتى غدت أشلائاً متناثرة على هوامش الحياة ..

كان كل شيء يوجعني ، أحاول مسح دموعي الا ان صوتك يعاود قتلي ، لم اعد احبك ..

أقول لنفسي ، و أشعر ان هنالك شيء ما يبغضك .. أيكون قلبي المرهق ؟ ام ان الشك قد طغى على كل شيء ! 

بت أراك بعيداً و انا العاجزة عن الركض .. قد يكون ذنبي انني وقعت في جريمه الحب .. و بت لا ابصر شيئا امامي ..

أراني أبغضك كثيرا و أود الهروب الى حيث المفر .. لم يعد هنالك ما يشعرني بالطمأنينة ! حتى انت بت لا تعني لي شيئاً و كأنك حب عابر .. لست ادري لماذا اسأل نفسي ؟ هل أحببتك يوماً ؟ او هل أحببتني انت يوما ؟ لا اظنني امتلكت قلبك في يوم ما !.. كنا غرباء دوما نلوح لبعضنا على مرسى الهوى حيث نرمي بكياننا في محيط الجوى .. يسخر الليل منا و يفر قلبي باكيا الى قوقعته ، الى المكان الذي رُسم عالمه برفقة عابر ! .. خطّ طريق حياته برفقة من لا يراه ..و هكذا أدرك الان حماقة الاحلام ، و سخافة الهوى .. فليس كل ما نهوى هو لنا ، و كما تموت أزهار الاقحوان بلا ساقي ، ماتت الروح و انطفئت ...

هل سأحبك من جديد ؟ أخشى أنني سأودعك الى الابد .. و قد نلتقي و مافائدة اللقاء بغياب القلب ! .. كطيف حطّ بظله امامي و ظل راكضاً يخشى المواجهة .. لقد تغير الكثير ، و انا على يقين بأن تلك الحكاية التي لم تبدأ بعد قد شارفت على الانتهاء ، أو انها انتهت فعلا قبل قليل ....

كنت أخشى الليل وحدي ، انتظرتك طويلاً رغم انه لا وعود بيننا .. و هاهي الايام تتوالى شيئا فشيئا حتى بات كل شيئ ممكنناً .! كيف أبكي على فراقك وانت لم تكن لي يوماً !.. و قد يبكي المرء على حاله أكثر من اي شيئ .. كما يجهش قلبي الان ... منفطرٌ لست ادري كيف اواسي نفسي بنفسي و كيف اكون الداعم لنفسي ؟! .. 

حقا كنت بأفضل حال قبل ان اراك ، و ها انا الان احتضر وجعاً لا يعلم به احد .. وددت لو اقتلع ذاك الذي يعتصرني ألماً ، لطالما وددت ان اقتلع قلبي من جوفه .. ذاك القلب الذي سيبقى به ثغرة صنعتها أناملك .. 

أحاول ان أصارع الموت لوحدي ! أحاول ان امنع دموعي من الانهمار لكنني أفشل في كل مرة ، فلقد تعبت حقا من الاختباء ، تعبت من الفوضى التي تعتريني و من الغصة التي تنهشني نهشاً ..

يحرقني الكتمان ! كمن تُرك نزيفاً على حافه الطريق .. 

تارة أرتعش خوفا ، من الالم ، من الحب .. و تارة أجدني على سفينة الهوى مبحرة يخطفني الشوق لعينيك .. 

لأعود بعدها و اغني ل الليل خيبتي و آلمي و ارمي بعثرتي في دجى الليل ... أظنني بحاجة الى طبيب يفهمني ! و لكن من ذا الذي يفهم سبل نجاتي و انا التي لنفسي محتارة ، يتملكني  الخوف و الضياع .. 

لن أنساك ، بت على قناعة تامة انه لا جدوى من الخداع ، فلن أقدر على النسيان و لكنني لن أحبك من جديد .. فلن أقوى على مجابهه تلك الاشواك مرة أخرى .. لن أكتب لك الرسائل مجددا ولن يلفح نسيم هواك جدران بيتي ..

لن تزورني في احلامي و لن تسرق من قلبي أجزاءاً اخرى فلقد خارت قواي منك حقاً و ها انا اعلن استسلامي .. 

لن انساك ولكننا لن نكون كما كنا .. و كما يأتي الربيع بعد غسق الليل .. لن يشرق ربيعنا بعد هذه الظلمة ، فلست تدري انك قد قتلتني قبل ان نصل الى تلال الربيع ... 

أحاول ان اكون قوية و ان اظهر لا مبالاتي ، ولكن مالي أراني أذرف وهنا على وهن ! .. و كيف أجفف تلك الانهار و أعيد لمجدها الضحكات .. أقول لنفسي و كيف يضحك الميت و هو جثة هامدة ..! 

أدخل غرفتي و انا ابتسم بسخرية .. لقد كان لي نبضا في الروح قبل لقياك فسحقا لكل شيئ ....